تسلیة المُجالس و زینة المَجالس (مقتل الحسین علیه السلام) , جلد۲ , صفحه۳۱۱
عنوان باب : الجزء الثاني المجلس السابع في مسير الحسين عليه السلام إلى العراق و من تبعه من أهله و إخوانه و بني أخيه و بني عمّه صلوات اللّه عليهم أجمعين فصل في خروج الحسين صلوات اللّه عليه إلى العراق، و ما جرى عليه في طريقه، و نزوله في الطفّ [أرجاز لعليّ الأكبر، و استشهاده عليه السلام]
قائل : امام حسین (علیه السلام) ، پيامبر اکرم (صلی الله علیه و آله)
ثمّ حمل عليّ بن الحسين على القوم، و هو يقول:
أنا عليّ بن الحسين بن عليّ *** من عصبة جدّ أبيهم النبيّ
و اللّه لا يحكم فينا ابن الدعيّ *** أطعنكم بالرمح حتى ينثني
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي *** ضرب غلام غلام هاشميّ علويّ
فلم يزل يقاتل حتى ضجّ الناس من كثرة من قتل منهم، و روي أنّه قتل على عطشه مائة و عشرين رجلا، ثمّ رجع إلى أبيه و قد أصابته جراحات كثيرة، فقال: يا أبة، العطش قد قتلني، و ثقل الحديد أجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوّى بها على الأعداء؟ فبكى الحسين عليه السلام، و قال: يا بنيّ، يعزّ على محمد صلّى اللّه عليه و آله، و على عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و عليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك، و تستغيث بهم فلا يغيثوك. يا بنيّ، هات لسانك، فأخذ بلسانه فمصّه و دفع إليه خاتمه، و قال: أمسكه في فيك و ارجع إلى قتال عدوّك فإنّي أرجو أنّك لا تمسي حتى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا، فرجع عليه السلام إلى القتال، و هو يقول:
الحرب قد قامت لها الحقائق *** و ظهرت من بعدها مصادق
و اللّه ربّ العرش لا نفارق *** جموعكم أو تغمد البوارق
فلم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين، ثمّ ضربه مرّة بن منقذ العبدي لعنه اللّه على مفرق رأسه ضربة صرعته، و ضربه الناس بأسيافهم، ثمّ اعتنق عليه السلام فرسه، فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إربا إربا. فلمّا بلغت الروح التراقي قال رافعا صوته: يا أبتاه، هذا جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا، و هو يقول [لك] : العجل العجل، فإنّ لك كأسا مذخورة حتى تشربها الساعة. فصاح الحسين عليه السلام و قال: قتل اللّه قوما قتلوك، ما أجرأهم على اللّه و على رسوله، و على انتهاك حرمة الرسول؟! على الدنيا بعدك العفا. قال حميد بن مسلم: فكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي بالويل و الثبور، و تقول: يا حبيباه، يا ثمرة فؤاداه، و يا نور عيناه، فسألت عنها، فقيل: هي زينب بنت عليّ عليه السلام، و جاءت و انكبّت عليه، فجاء [إليها] الحسين فأخذ بيدها فردّها إلى الفسطاط، و أقبل عليه السلام بفتيانه و قال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه، فجاءوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الّذي كانوا يقاتلون أمامه. قال: و خرج غلام من تلك الأبنية و في اذنيه درّتان ، و هو مذعور فجعل يلتفت يمينا و شمالا، فحمل عليه هانئ بن ثبيت لعنه اللّه، فقتله، فصارت شهربانو تنظر إليه و لا تتكلّم كالمدهوشة. ثمّ التفت الحسين عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال، و التفت [عن] يساره فلم ير أحدا، فخرج عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، و كان مريضا لا يقدر أن يقلّ سيفه، و أمّ كلثوم تنادي خلفه: يا بنيّ، ارجع. فقال: يا عمّتاه، ذريني اقاتل بين يدي ابن رسول اللّه. و قال الحسين عليه السلام: يا أمّ كلثوم، خذيه لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد صلّى اللّه عليه و آله.